الهجرة إلى يثرب
عرف المشركون بهجرة أصحاب النبي(ص) إلى يثرب، فتآمروا ليقتلوا النبي(ص) ليلاً، وأنبأ الله حبيبه بما يبيّته المشركون، فأمر(ص) الإمام علي بن أبي طالب(ع) بالمبيت في فراشه، لإيهام المشركين بأن النبي باقٍ في مكة، ثم إنه صلوات الله وسلامه عليه خرج ليلاً يرافقه أبو بكر، قاصدين يثرب، وفي الطريق لجأ إلى غارٍ أمر الله سبحانه العنكبوت أن تنسج خيوها على بابه وأرسل حمامة باضت على تلك الخيوط، حتى بدا الغار وكأنه مهجور منذ زمن بعيد.
وعند الصباح، وبعد ما أفشل الله خطة المشركين لقتل حبيبه محمد، وعلموا بخروجه من مكة، لاحقوه إلى خارجها، ولكنهم لم يعثروا له على أثر، حتى وقفوا على باب الغار متحيرين لايعرفون في أي جهة يبحثون، والنبي(ص) وأبو بكر في الغار، وقد تسرب الخوف والحزن إلى قلب أبي بكر، فقال له النبي(ص): {لاتحزن إن الله معنا}.
ووصل رسول الله(ص) إلى قبا بالقرب من يثرب، وانتظر قدوم علي بن أبي طالب مع بعض النسوة، وفيهن الزهراء بضعة الرسول(ص)، ودخل الجميع المدينة (يثرب) وهناك بني النبي مسجده المبارك، وخصّص أمكنة لسكن أصحابه، وآخى بينهم وبين الأنصار، وأشاع مفهوم الأخوة في الله بقوله(ص): "إنَّ الله قد أذهب عنكم عيبة الجاهلية وفخرها بالآباء... أنتم بنو آدم وآدم من تراب".
واتخذ النبي(ص) ابن عمه علي بن أبي طالب أخاً له قائلاً: "أنت أخي في الدنيا والآخرة" وراح (ص) يمارس في المسجد العبادة والاجتماع وإدارة شؤون الأمة والفصل في الخصومات، ووضع الخطط العسكرية، والتعليم وغيرها من الأمور.