• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الحياة الثقافية(في عصر الامام)

الحياة الثقافية

أما الحياة الثقافية في ذلك العصر فتعتبر من أبرز معالم الحياة في العصور الإسلامية على الإطلاق، فقد ازدهرت الحركات الثقافية، وانتشر العلم انتشاراً واسعاً، وتأسّست المعاهد الدراسية، وانتشرت المكاتب العامة، وأقبل الناس بلهفة على طلب العلم، يقول نيكلسون: (وكان لانبساط رقعة الدولة العباسية، ووفرة ثروتها، ورواج تجارتها أثر كبير في خلق نهضة ثقافية لم يشهدها الشرق من قبل، حتى لقد بدا أنّ الناس جميعاً من الخليفة إلى أقل أفراد العامة شأناً غدوا فجأة طلاّباً للعلم أو على الأقل أنصاراً للأدب، وفي عهد الدولة العباسية كان الناس يجوبون ثلاث قارّات سعياً إلى موارد العلم والعرفان ليعودوا إلى بلادهم كالنحل يحملون الشهد إلى جموع التلاميذ المتلهّفين، ثمّ يصنّفون بفضل ما بذلوه من جهد متصل هذه المصنّفات التي هي أشبه شيء بدوائر المعارف، والتي كان لها أكبر الفضل في ايصال هذه العلوم الحديثة إلينا بصورة لم تكن متوقعة من قبل)[1] ونُلمح إلى بعض المعالم الرئيسية من تلك الحياة الثقافية.

 

المراكز الثقافية:

أمّا المراكز الثقافية في عصر الإمام أبي جعفر (عليه السلام) فهي:

1 - يثرب:

وكانت يثرب من أهم المراكز العلمية في ذلك العصر، فقد تشكّلت فيها مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وقد ضمّت عيون الفقهاء والرواة من الذين سهروا على تدوين أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وقد عنوا بصورة موضوعية بتدوين أحاديثهم الخاصة في الفقه باعتباره روح الإسلام وجوهره، كما تشكّلت في يثرب مدرسة التابعين وهي مدرسة فقهية عنت بأخذ الفقه ممّا روي عن الصحابة، ويرجع بما لم يروا عنهم إلى ما يقتضيه الرأي والقياس حسب ما ذكروه.

2 - الكوفة:

وتأتي الكوفة بعد يثرب في الأهمية، فقد كان الجامع الأعظم من أهم المعاهد، والمدارس الإسلامية، فقد انتشرت فيه الحلقات الدراسية، وكان الطابع العام للدراسة هي العلوم الإسلامية من الفقه والتفسير والحديث وغيرها.

وكانت الكوفة علوية الرأي، فقد عنت مدرستها بعلوم أهل البيت (عليهم السلام) وقد حدّث الحسن بن علي الوشاء فقال: أدركت في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كلّ يقول: حدّثني جعفر بن محمد[2] ومن أهم الأسر العلمية التي درست في ذلك الجامع هي آل حيّان التغلبي وآل أعين، وبنو عطيّة وبيت بني دارج وغيرهم[3].

ولم يكن الفقه وحده هو السائد في مدرسة الكوفة، وإنّما كان النحو سائداً أيضاً، فقد أنشأت في الكوفة مدرسة النحويين، وكان من أعلامها البارزين: الكسائي الذي عهد إليه الرشيد بتعليم ابنيه الأمين والمأمون، ومن الجدير بالذكر أنّ هذا العلم الذي يصون اللسان عن الخطأ قد اخترعه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فهو الذي وضع قواعده وأصوله.

3 - البصرة:

أما البصرة فقد كانت مركزاً مهمّاً لعلم النحو، وكان أوّل من وضع أساس مدرسة البصرة أبو الأسود الدوئلي تلميذ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت هذه المؤسسة تنافس مدرسة الكوفة، وقد سُمّي نُحّاة البصرة (أهل المنطق) تمييزاً عن نُحّاة الكوفة وكان من أعلام هذه الصناعة سيبويه الفارسي، وهو صاحب كتاب سيبويه، الذي هو من أنضج الكتب العربية وأكثرها عمقاً وأصالة يقول دي بور: فلو نظرنا إلى كتاب سيبويه لوجدناه عملاً ناضجاً، ومجهوداً عظيماً، حتى أنّ المتأخّرين قالوا: إنّه لابدّ أن يكون ثمرة جهود متضافرة لكثير من العلماء، مثل قانون ابن سيناء[4].

وكما كانت البصرة ميداناً لعلم النحو كذلك كانت مدرسة لعلم التفسير الذي كان من علمائه البارزين أبو عمرو بن العلاء، وكانت مدرسة أيضاً لعلم العروض الذي وضع أصوله الخليل بن أحمد صاحب كتاب (العين) الذي هو أول معجم وضع في اللغة العربية.

4 - بغداد:

أمّا بغداد فقد ازدهرت بالحركات العلمية والثقافية، وقد انتشرت فيها المدارس والمعاهد ولم يعد هناك شيء أيسر ولا أبذل من العلم، ولم تختص بغداد في علم خاص كما كانت بقية المراكز الإسلامية، وإنّما شملت جميع أنواع العلوم من العقلية والنقلية، وكذا سائر الفنون، وقد أصبحت أعظم حاضرة علمية في ذلك العصر، وقد توافد عليها طلاّب العلوم والمعرفة من جميع أقطار الدنيا يقول لغوستان لوبون: كان العلماء ورجال الفن والأدباء من جميع الملِل والنِحل من يونان وفُرس وأقباط وكلدان يتقاطرون إلى بغداد، ويجعلون منها مركزاً للثقافة في الدنيا، قال أبو الفرج: عن المأمون انّه كان يخلو بالحكماء، ويأنس بمناظرتهم، ويلتذ بمذاكرتهم علماً منه بأنّ أهل العلم هُم صفوة الله من خلقه ونخبته من عباده[5] هذه بعض المراكز الثقافية في ذلك العصر.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] تاريخ الإسلام: ج 2 ص 322.

[2] حياة الإمام موسى بن جعفر: ج 1 ص 82.

[3] تاريخ الإسلام: ج 2 ص 338.

[4] تاريخ الفلسفة في الإسلام: ص 39.

[5] حضارة العرب: ص 218.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page