• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في ما حَباهُ الله للزهراء(عليها السلام) وما نحله النبيّ(صلى الله عليه وآله) من فدك لها(عليها السلام)

 

 

في ما حَباهُ الله للزهراء(عليها السلام) وما نحله النبيّ(صلى الله عليه وآله)

من فدك لها(عليها السلام) في حياته، وما وصلها(عليها السلام) من تركته(صلى الله عليه وآله)،

وبيان حـدود فـدك وغلّتها والعوالي

 

نحلة فدك من الرسول (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام) حقيقة تاريخية:

تظلّ ظاهرة «فدك» من الحقائق التأريخية التي تستغني عن البرهان، ولذلك نكتفي ببعض ما ورد من نصوص في ذلك:

منها: ما ورد عن عليّ بن إبراهيم القمّي قال: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ)([1])يعني: قرابة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، اُنزلت في فاطمة(عليها السلام)فجعل لها فدكاً، والمسكين من ولد فاطمة، وابن السبيل من آل محمّد وولد فاطمة([2]).

عن أبي سعيد الخدري قال: لمّا نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة فدكاً... الحديث([3]).

البيضاوي قال في تفسيره: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) قيل: المراد بذي القُربى: أقارب الرسول(صلى الله عليه وآله)([4]).

وروى السّيد عبدالله شبّر في تفسير قوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) عن الصادق(عليه السلام) قال: «لمّا نزلت أعطى(صلى الله عليه وآله)فاطمة فدكاً»([5]).

وعن عبدالرحمن، عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: «لمّا أنزل الله تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ) قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل، قد عرفت المسكين، فمن ذُو القربى؟ قال: هم أقاربك. فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة فقال: إنّ ربّي أمرني أن اُعطيَكم ما أفاء عَلَيَّ، قال: أعطيتكم فدكاً»([6]).

وعن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): أكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة(عليها السلام) فدكاً؟ قال: «كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقفها، فأنزل الله تبارك وتعالى عليه (فآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ...) فأعطاها رسول الله(صلى الله عليه وآله) حقّها» قلت: رسول الله أعطاها؟ قال: «بل الله تبارك وتعالى أعطاها»([7]).

وعن عطية العَوفي قال: لمّا نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله)فاطمة(عليها السلام) فأعطاها فدكاً»([8]).

وعن أبي مريم قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: «لمّا اُنزلت هذه الآية (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) أعطى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاطمة(عليها السلام) فدكاً»، فقال أبان بن تغلب: رسول الله أعطاها؟ قال: فغضب أبو جعفر(عليه السلام) ثمّ قال: «الله أعطاها»([9]).

وروى العلاّمة المجلسي عن العيون فيما احتجّ الرضا(عليه السلام) في فضل العترة الطاهرة(عليهم السلام)قال: «والآية الخامسة: قال الله عزّ وجلّ: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)، خصوصيّة خصّهم العزيز الجبّار بها واصطفاهم على الاُمّة، فلمّا نزلت هذه الآية على رسول الله(صلى الله عليه وآله)قال: ادعوا إليّ فاطمة، فدُعيت له، فقال: يا فاطمة، قالت: لبيك يارسول الله، فقال(صلى الله عليه وآله): فدك هي ممّا لم يوجَف عليه بِخَيْل ولا ركاب، وهي لي خاصّة دون المسلمين، وقد جعلتها لك لِمَا أمرني الله به، فخذيها لكِ ولوُلدكِ»([10]).

وفي البحار ورد ما يلي: نزول هذه الآية في فدك رواه كثير من المفسرين([11])، ووردت به الأخبار من طرق الخاصّة والعامة([12]).

وعن أبي سعيد الخدري قال: لمّا نزلت على النبيّ(صلى الله عليه وآله)(فآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)... الآية، قال: دعا النبيّ(صلى الله عليه وآله) فاطمة(عليها السلام) فأعطاها فدكاً، فقال: «هذا لك ولعقِبك من بعدك»([13]).

السيّد ابن طاووس(قدس سره) قال: فَصلٌ: فيما نذكره من المجلّد الأوّل من تأويل ما نزل من القرآن الكريم في النبيّ (صلى الله عليه وآله) تأليف أبي عبدالله محمد بن العبّاس بن عليّ بن مروان المعروف بالحجّام([14]). ثمّ قال بعده: فصول...: في تفسير قوله تعالى: (وآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) روى فيه حديث فدك من عشرين طريقاً فلذلك نذكر منها طريقاً واحداً بلفظه:

حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان الأعبدي، وإبراهيم بن خلف الدوري، وعبدالله بن سليمان بن الأشعب ومحمد بن القاسم بن زكريا قالوا: حدّثنا عبّاد بن يعقوب قال: أخبرنا عليّ بن عبّاس، وحدّثنا جعفر بن محمد الحسيني قال: حدّثنا عليّ بن المنذر الطريفي، قال: حدّثنا عليّ بن عبّاس قال: حدّثنا فضل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: لمّا نزلت (وآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاطمة وأعطاها فدكاً.

وقال السيّد عليّ بن موسى بن طاووس(قدس سره): وقد ذكرتُ في الطرائِف روايات كثيرةً عن المخالف وكشفت عن استحقاق الموالاة([15]) المعظّمة لفدك بغير ارتياب.

وما ينبغي أن يَتعجّب مِن أخذها منها مَن هو عارف بالأسباب; لأنّ خلافة بني هاشم أعظم من فدك بكلّ طريق، وأهل الإمامة من الاُمّة لا يحصيهم إلاّ الله منذ ستمائة سنة وزيادة إلاّ أن يدينوا بدين الله تعالى، إنّ الخلافة كانت حقّاً من حقوقهم، وإنّهم مُنعوا منها كما مُنع كثير من الأنبياء والأوصياء(عليهم السلام) عن حقوقهم.

ومن وقف على كتاب الطرائف عرف ذلك على التحقيق([16]). انتهى.

وقال السيّد ـ قدّس الله روحه ـ في قصّة ردّ المأمون فدكاً إلى ورثة فاطمة(عليها السلام): روى غير واحد عن بشير بن الوليد الواقدي، وبشير بن غياث في أحاديث يرفعونها إلى محمّد(صلى الله عليه وآله): أ نّه لمّا افتتح خيبر اصطفى لنفسه قُرىً من قرى اليهود، فنزل عليه جبرئيل بهذه الآية (وآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)فقال محمد(صلى الله عليه وآله): ومَن ذُو القُربى، وماحقّه؟ قال: فاطمة، تدفع إليها فدكاً، فَدَفع إليها فدكاً، ثمّ أعطاها العوالي بعد ذلك فاستغلّتها حتّى توفّي أبوها محمد(صلى الله عليه وآله)... إلى آخره([17]).

وروى العلاّمة المجلسي(قدس سره) عن المناقب قال: نَزل النبيّ(صلى الله عليه وآله) على فدك يحاربهم، ثمّ قال لهم: «وما يأمنكم أن تكونوا آمنين في هذا الحصن وأمضي إلى حصونكم فأفتحها؟»، فقالوا: إنّها مقفلة، وعليها من يمنع عنها، ومفاتيحها عندنا، فقال(صلى الله عليه وآله): «إنّ مفاتيحها دُفعت إليّ»، ثمّ أخرجها وأراها القوم، فاتّهموا ديّانهم أنـّه صبا([18]) إلى دين محمّد ودفع المفاتيح إليه، فحلف أنّ المفاتيح عنده، وأنّها في سفط في صندوق في بيت مقفل عليه، فلمّا فتّش عنها ففقدت. فقال الديان: لقد أحرزتها وقرأت عليها من التوراة وخشيت من سحره، وأعلم الآن أ نّه ليس بساحر، وأنّ أمره لعظيم، فرجعوا إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) وقالوا: من أعطاكها؟

قال(صلى الله عليه وآله): «أعطاني الّذي أعطى موسى الألواح، جبرئيل»، فتشهّد الديّان، ثمّ فتحوا الباب وخرجوا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأسلم من أسلم منهم، فأقرّهم في بيوتهم وأخذ منهم أخماسهم. فنزل: (وآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)، قال: «وما هو؟ قال: أعطِ فاطمة فدكاً، وهي من ميراثها من اُمّها خديجة، ومن اُختها هند بنت أبي هالة»، فحمل إليها النبيّ(صلى الله عليه وآله)ما أخذ منه، وأخبرها بالآية.

فقالت:  «لست  اُحدث  فيها  حدثاً  وأنت  حيّ،  أنت  أولى  بي  من  نفسي ومالي  لك،  فقال:  أكره  أن  يجعلوها  عليك  سبّةً([19])  فيمنعوك  إيّاها  من  بعدي، فقالت:  أنفذ  فيها  أمرك،  فجمع  الناس  إلى  منزلها  وأخبرهم  أنّ  هذا  المال  لفاطمة»،  ففرّقه  فيهم،  وكان  كلّ  سنة  كذلك،  ويأخذ  منه  قوتها،  فلمّا  دنا  وفاته دفعه  إليها([20]).

أقول: وقد مرّ في تفسير آية المودّة في الفصل الأول: أنّ المراد بذي القربى: عليّ وفاطمة وابناهما(عليهم السلام).

 

في أمر رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) عليّاً(عليه السلام) بكتابة فدك لفاطمة(عليها السلام)نحلةً:

يلاحظ أنّ المعصومين(عليهم السلام) يَعمدون إلى توثيق الاُمور المهمة، وكيفية إيصاء المعصوم لمن يخلفه مثلاً، أو توصية خاصة لها أهميتها، ومنها توصية النبيّ(صلى الله عليه وآله)لفاطمة(عليها السلام) بالنسبة إلى فدك. وتوثيق ذلك بكتابة وبشهود، وهذا ما تحدَّث به قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي حيث قال: إنّ أبا عبد الله(عليه السلام) قال: «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)خرج في غزاة، فلمّا انصرف راجعاً نزل في بعض الطريق، فبينما رسول الله(صلى الله عليه وآله)يطعم والناس معه إذ أتاه جِبرئيل(عليه السلام)فقال: يا محمد، قم فاركب، فقام النبيّ(صلى الله عليه وآله)فركب وجبرئيل معه، فطُويت له الأرض كطيّ الثوب حتّى انتهى إلى فدك، فلمّا سمع أهل فدك وقع الخيل ظنّوا أنّ عدوّهم قد جاءهم، فغلقوا أبواب المدينة، ودفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت لهم خارج المدينة، ولحقوا برؤوس الجبال، فأتى جبرئيل العجوز حتّى أخذ المفاتيح، ثمّ فتح أبواب المدينة ودار النبيّ(صلى الله عليه وآله)في بيوتها وقُراها.

فقال جبرئيل: يا محمد، هذا ما خصّك الله به وأعطاك دون الناس، وهو قوله: (ما أَفاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ ولذي القربى...)([21]) وذلك في قوله: (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلا رِكاب وَلكِنَّ اللّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ...)([22]). ولم يعرف المسلمون ولم يطؤوها، ولكنّ الله أفاءها على رسوله، وطوّف به جبرئيل في دورها وحيطانها وأغلق الباب، ودفع المفاتيح إليه، فجعلها رسول الله في غلاف سيفه وهو معلّق بالرَحل، ثمّ ركب وطويت له الأرض كطيّ الثوب.

فأتاهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) وهم على مجالسهم ولم يتفرّقوا، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): قد انتهيتُ إلى فدك، وإنّي قد أفاءها الله عَلَيَّ، فغمز المنافقون بعضهم بعضاً، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): هذه مفاتيح فدك، ثمّ أخرجها من غلاف سيفه، ثمّ ركب رسول الله(صلى الله عليه وآله)ومعه الناس.

فلمّا أتى المدينة دخل على فاطمة(عليها السلام)فقال: يا بنيّة، إنّ الله قد أفاء على أبيك بفدك، وقد اختصّه بها، فهي لي خاصّة دون المسلمين أفعلُ بها ما أشاء، وإنّه قد كان لاُمّك خديجة على أبيك مهر، وإنّ أباك قد جعلها لك بذلك، وأنحلتُكِها إيّاها تكون لكِ ولوُلدِكِ بعدك([23]).

قال: فدعا بأديم عُكاظيٍّ([24]) ودعا عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، فقال: اكتب لفاطمة بفدك نحلةً من رسول الله، فشهّد على ذلك عليّ بن أبي طالب، ومولى لرسول الله، واُمّ أيمن. فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ اُمّ أيمن امرأة من أهل الجنّة. وجاء أهل فدك إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)فقاطعهم على أربعة وعشرين ألف دينار لكلّ سنة»([25]).

وقد أجاد الشاعر الاُستاذ السيد عباس المدرس:

فدكٌ فتنةُ الزمانِ وسِحرُ***الأرضِ والجنّةُ الّتي تَهواها

سَلمت جنبها من الغزوِ والزَّحفِ***فلم تُوجَفِ الخيولُ ثراها

وكذاك الأنفال ليس لِغير***الله والمصطفى الأمين جناها

وله حكمها فيعطي قليلا أو***كثيراً لمن يشا ما يشاها

ولَـكَم أقطع النبيّ وأعطى***الناس من «نفلها» الّتي أعطاها

واصطفى من جميع تلك المغاني***«فدكاً» كان عنده مجناها

(آتِ حقّ القربى) أتته بآي***لم تكن غير فاطم مرماها

فحباها لبِنتِهِ وهو أدرى***أنّ مرضى الإله في مرضاها

وتوفّي عن فاطم ليس إلاّ***لم يكن عند أحمد إلاّها

وغدت في يد البتول تدرّ الـ***خير من كفّها إلى فقراها

وتوالت بعد النبيّ قضايا***فتنٌ عمّت الجميع عماها

تلك مرويّة عن ابن الزّكيّ الـ***سبط صحّ الإسناد عمّن رواها

ذاك لمّا استوى الخليفة في الحكم***وصدّ الزهراءَ عن كرعاها([26])

 

في بيان أنّ فدكاً كانت خالصةً للنبيّ(صلى الله عليه وآله):

هذا الموضوع قد طرحناه في الحقل الأسبق، ونعزّزه الآن بما ورد من النصوص المؤرخة لقضية (الصلح) الذي طلبه أهل فدك وسائر الأرض المتصلة بخيبر.

ابن أبي الحديد قال: الفصل الأول: فيما ورد من الأخبار والسِيَر المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم، لا من كتب الشيعة ورجالهم; لأنّا مشترطون على أنفسنا أن لا نحفل بذلك، وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري في السقيفة وفدك، وما وقع من الاختلاف والاضطراب عقب وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدّث كثير الأدب، ثقة ورع، أثنى عليه المحدّثون ورووا عنه مصنّفاته.

قال أبو بكر: حدّثني أبو زيد عمر بن شبّة قال: حدّثنا حيّان بن بشر، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: بقيت بقيّة من أهل خيبر تحصّنوا، فسألوا رسول الله(صلى الله عليه وآله)أن يحقن دماءهم ويُسيِّرهم، ففعل، فسمع ذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، وكانت للنبيّ(صلى الله عليه وآله)خاصّة، لأنّه لم يوجَف عليها بخيل ولا ركاب.

قال أبو بكر: وروى محمد بن إسحاق أيضاً: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)لمّا فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك، فبعثوا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)فصالحوه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر، أو بالطريق، أو بعد ما أقام بالمدينة، فقبل ذلك منهم، وكانت فدك لرسول الله(صلى الله عليه وآله)خالصةً له; لأنّه لم يوجَف([27]) عليها بخيل ولا  ركاب([28]).

الدياربكري قال في وقائع السنة السابعة من الهجرة: وفي هذه السنة فتح فدك، وهي قرية بينها وبين مدينة النبيّ(صلى الله عليه وآله) مرحلتان، وقيل: ثلاث مراحل، وفي شرح المواقف: وهي قرية بخيبر كانت للنبيّ(صلى الله عليه وآله)([29]).

ياقوت الحموي قال: وفدك قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان([30])، وقيل: ثلاثة، أفاءها الله على رسوله(صلى الله عليه وآله)في سنة سبع صُلحاً، وذلك أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)لمّا نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبقَ إلاّ ثلاث واشتدّ بهم الحصار، راسلوا رسول الله(صلى الله عليه وآله)يسألونه أن ينزلهم على الجلاء، وفَعَل، وبلغ ذلك أهل فدك، فأرسلوا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم، فأجابهم إلى ذلك، فهي ممّا لم يوجَف عليه بخيل ولا ركاب، فكانت خالصةً لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، وفيها عين فوّارة ونخيل كثيرة، وهي الّتي قالت فاطمة(صلى الله عليه وآله): إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)نَحَلَنِيها، فقال أبو بكر: اُريد لذلك شهوداً، ولها قصّة.

ثمّ قال الحموي: وأصحّ ما ورد عندي في ذلك: ما ذكره أحمد بن جابر البلاذري في كتاب الفتوح له، فإنّه قال: بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعد منصرفه من خيبر إلى أرض فدك مَحِيصَةَ بن مسعود، ورئيس فدك يومئذ يوشع بن نون اليهودي يدعوهم إلى الإسلام، فوجدهم مرعوبين خائفين لِمَا بلغهم من أخذ خيبر، فصالحوه على نصف الأرض بتربتها، فقبل ذلك منهم وأمضاه رسول الله(صلى الله عليه وآله)وصار خالصاً له(صلى الله عليه وآله); لأنّه لم يوجَف عليها بخيل ولا ركاب([31]).

وقال أبو يوسف: وحدّثنا محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن عبدالله ابن العباس قال: لمّا فتح رسول الله(صلى الله عليه وآله) خيبراً قالوا: يا محمد، إنّا أرباب الأموال ونحن أعلم بها منكم فعاملونا بها، فعاملهم رسول الله(صلى الله عليه وآله)على النصف، على أنّا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، فملأ فعل ذلك أهل خيبر وسمع بذلك أهل فدك، فبعث إليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله)محيصة بن مسعود، فنزلوا على ما نزل عليه أهل خيبر على أن يصونهم ويحقن دماءهم، فأراهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) مثل معاملة أهل خيبر، فكانت فدك لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، وذلك أ نّه لم يوجِف عليها المسلمون بخيل ولا  ركاب([32]).

 

في بيان حدود فدك:

من الحقائق التأريخية المعروفة أنّ أكثر من واحد من الحكّام المغتصبين لحقّ المعصومين(عليهم السلام) حاول لسبب أو أكثر بأن يردَّ فدكاً إلى صاحبها، ومنهم ما ذكره ابن شهرآشوب حيث قال: وفي كتاب أخبار الخلفاء: أنّ هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر(عليهما السلام): حُدَّ فدكاً حتّى أردّها عليك، فيأبى حتّى ألحّ عليه، فقال(عليه السلام): لا  آخذها إلاّ بحدودها، قال: وما حدودها؟ قال: إن حددتُها لم تردّها؟ قال: بحقِّ جدّك إلاّ فعلت.

قال(عليه السلام): أمّا الحدّ الأوّل فعَدَن، فتغيّر وجه الرشيد وقال: أيهاً([33]).

قال(عليه السلام): والحدّ الثاني: سَمَرقَند، فأربد([34]) وجهه.

والحدّ الثالث: إفريقية، فاسودّ وجهه وقال: هِيه([35]).

قال(عليه السلام): والرابع: سِيف البحر([36]) ممّا يلي الجزر([37]) وأرمينية.

قال الرشيد: فلم يبقَ لنا شيء، فتحوّل إلى مجلسي، قال موسى(عليه السلام): قد أعلمتك أنّني إن حددتها لم تردَّها... ـ إلى أن قال ـ :

وفي رواية ابن أسباط أ نّه قال: أمّا الحدّ الأوّل فعريش مصر، والثاني دومة الجندل([38]) والثالث اُحد، والرابع سِيف البحر.

فقال: هذا كلّه هذه الدنيا. فقال(عليه السلام): هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة فأفاءه الله على رسوله بلا خيل ولا ركاب، فأمره الله أن يدفعه إلى فاطمة(عليها السلام)([39]).

أقول: وأورد هذا الخبر العلاّمة المجلسي وقال: هذان التحديدان خلاف المشهور بين اللغويّين، ولعلّ مراده(عليه السلام): أنّ تلك كلّها لفاطمة في حكم فدك، وكأنّ الدعوى على جميعها، وإنّما ذكروا فدكاً على المثال أو تغليباً([40]).

وأقول: وقد أورد الأنصاري(قدس سره) كلام العلاّمة المجلسي(قدس سره) وقال: إنّ فدكاً عنوان للأراضي التي تُجرى عليها يد الخلافة الإسلامية، فيكون مصداقه بهذا الاعتبار جميع بلاد الإسلام، فمن أراد ردّ فدك فلابدّ أن يردّ أمر الخلافة برمّته إلى محلّه ومنزلته، وإلاّ فلا([41]).

 

في قدر غلّة فدك والعوالي في كلّ سنة:

من المناسب أن نذكر هنا ما يرتبط بغلّة فدك حتى نستكمل بها ما يحيط بهذه الظاهرة من أبعاد مختلفة، ومنها البعد الاقتصادي، حيث ذكر السيّد ابن طاووس قال لابنه السيّد محمد في ضمن الفصل الأربعين والمائة: وقد وهب جدّك محمدٌ(صلى الله عليه وآله)اُمّكَ فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ فدكاً والعوالي من جملة مواهبه. وكان دخلها في رواية الشيخ عبدالله بن حماد الأنصاري: أربعةً وعشرين ألف دينار في كلّ سنة، وفي رواية غيره: سبعين ألف دينار([42]).

 

في ذكر أ نّه(صلى الله عليه وآله) نحل فدكاً فاطمة(عليها السلام) في حياته:

قد تقدّم طرف من ذلك في حقل سابق، حيث ذكرنا المناسبة التأريخية التي حملت النبيّ(صلى الله عليه وآله) على اتخاذ القرار المذكور، أمّا الآن فنشير إلى النصوص المفسّرة لآية ذي القربى وصلتها بالموضوع، فنقول: عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)قال: لمّا نزلت هذه الآية (وآتِ ذا القربى حقّه)دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله)فاطمة فأعطاها فدكاً([43]).

والسيوطي قال: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس(رضي الله عنه) قال: لمّا نزلت (وآتِ ذا القربى حقّه) أقطع رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاطمة فدكاً([44]).

وياقوت الحموي قال: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) أعطى ابنته فاطمة(عليها السلام) فدكاً وصدّق عليها بها، وأنّ ذلك كان أمراً ظاهراً معروفاً عند آله عليهم الصلاة والسلام([45]).

والقندوزي قال: قد فسّر الله عزّ وجلّ اصطفاء العترة في الكتاب في اثني عشر موضعاً: أوّلها (وأنذِر عشيرَتَك الأقربِينَ)... خامسها: قول الله تعالى: (وآتِ ذا القُربى حقّه) خصوصية لهم، فلمّا نزلت هذه الآية ] على رسول الله(صلى الله عليه وآله)[ قال(صلى الله عليه وآله)لفاطمة(عليها السلام): «هذه فدك وهي ممّا لم يوجَف عليه بخيل ولا ركاب، وهي لي خاصّة دون المسلمين، وقد جعلتها لكِ لِمَا أمرني الله به، فخُذيها لكِ ولِوُلدِكِ»([46]).

 

في ما وصل الزهراء(عليها السلام) من تركة النبيّ(صلى الله عليه وآله):

ما تقدّم يتصل بما نحله النبيّ لفاطمة(عليها السلام) في حياته، أمّا ما ورثته فهو تركة مادية بسيطة يحدثنا عنها المؤرخون، ومن ذلك ما ورد عن عليّ بن عيسى الإربلي حيث قال: قال الحسن بن عليّ الوشّاء: سألت مولانا أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا(عليهما السلام): هل خلّف رسول الله(صلى الله عليه وآله) غير فدك شيئاً؟ فقال أبو الحسن(عليه السلام): «إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) خلّف حيطاناً بالمدينة صدقة، وخلّف ستّة أفراس وثلاث نوق: العضباء والصهباء والديباج، وبغلتين: الشهباء والدُلدُل، وحماره: اليعفور، وشاتين حلوبتين، وأربعين ناقةً حلوباً، وسيفه ذا الفقار، ودرعه ذات الفضول، وعمامته السحاب، وحَبرتين يمانيّـتين، وخاتَمه الفاضل، وقضيبه المَمشوق، وفراشاً من ليف، وعباءتين قطوانيتين، ومخادّاً من أدم صار ذلك إلى فاطمة(عليها السلام) ما خلا درعه وسيفه وعمامته وخاتَمه فإنّه جعلها لأمير المؤمنين(عليه السلام)([47]).

أقول: ويظهر من هذا الحديث أنّ فدكاً لم تكن جزءَ تركته(صلى الله عليه وآله); لِمَا سبق من أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) نحلها فاطمة الزهراء(عليها السلام) وأعطاها إيّاها عند نزول قوله تعالى: (وآتِ ذا القُربى حقّه)، وقد مرّ الكلام على ذلك مفصّلا في الجزء الأول فراجعه.

 

 

في ما جعله(صلى الله عليه وآله) وقفاً على فاطمة(عليها السلام):

ما تقدّم يجسّد تركة النبيّ(صلى الله عليه وآله) من حيث التوريث، أما من حيث الوقف فقد ذكر أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الثاني(عليه السلام) قال: سألته عن الحيطان السبعة الّتي كانت ميراث رسول الله(صلى الله عليه وآله)لفاطمة(عليها السلام)؟ فقال: «لا، إنّما كانت وقفاً، وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله)يأخذ إليه منها ما ينفق على أضيافه، والتابعة([48]) يلزمه فيها، فلمّا قبض(صلى الله عليه وآله)جاء العباس يخاصم فاطمة(عليها السلام) فيها، فشهد عليّ(عليه السلام) وغيره أنّها وقف على فاطمة(عليها السلام)، وهي: الدلال، والعواف، والحسنى، والصافية، وما لاُمّ إبراهيم، والميثب، والبرقة([49])([50]).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] . الإسراء: 26، وفي سورة الروم الآية: 38 (فآتِ ذا القُربى...).

[2] . تفسير القمي: 246.

[3] . جوامع الجامع: 250، تفسير فرات: 85.

[4] . أنوار التنزيل وأسرار التأويل: 401.

[5] . تفسير شبّر: 846.

[6] . تفسير العياشي: 2/310/46، عنه البرهان في تفسير القرآن: 4/552/5.

[7] . كشف الغمّة: 1/451.

[8] . كشف الغمّة: 1/450.

[9] . تفسير فرات: 85.

[10] . البحار: 29/105/1، عن عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 1/211.

[11] . راجع: تفسير فرات الكوفي، تفسير التبيان، شواهد التنزيل، الدرّ المنثور، مجمع البيان، تفسير العياشي.

[12] . وأمّا من طرق العامة، فمنها: مجمع الزوائد، كنز العمال.

                وانظر عن فدك وشكوى فاطمة(عليها السلام) عشرات الكتب غير ما ألّفه الخاصّة والعامّة من كتب مستقلّة.

                وعدَّ العلاّمة الأميني(رحمه الله) عشرات المصادر في موسوعته الغدير. وانظر إحقاق الحق في عدَّة أجزاء.

[13] . تفسير فرات: 118.

[14] . سعد السعود: 90.

[15] . كذا في الأصل، والظاهر: «عن استحقاق الوالدة»، والله أعلم.

[16] . سعد السعود: 90 و102.

[17] . الطرائف لابن طاووس: 248.

[18] . صبا صبواً مثل قَعَدَ قعوداً، وصبوة مثل شهوة: مالَ. مجمع البحرين: 1/260 (مادة صبا).

[19] . السُبَّة بالضم: العار، أي يمنعونها منك فيكون عاراً عليك، قاله العلاّمة المجلسي في البحار: 29/118.

[20] . بحار الأنوار: 29/117/11 كتاب الفتن، عن مناقب ابن شهرآشوب: 1/186.

[21] . الحشر: 7.

[22] . الحشر: 6.

[23] . في البحار: وأنحلتكِها لكِ ولولدك بعدك.

[24] . الأديم: جِلد، وعكاظيّ: نسبةً إلى عكاظ: سوق كانت تجتمع فيه قبائل العرب فيتبايعون ويتفاخرون ويتناشدون، المنجد: 522 (مادة عكظ).

[25] . الخرائج والجرائح: 1/113، عنه، بحار الأنوار: 29/114/10.

[26] . كلمة الزهراء: 45 ـ 46.

[27] . أوجفتم: أعملتم، والإيجاف: سرعة السير. لسان العرب: 15/222 (مادة وجف).

[28] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16/344، عن كتاب «السقيفة وفدك»: 10 ـ 12.

[29] . تأريخ الخميس: 2/64.

[30] . قال محمد فريد وجدي: فدك اسم قرية بخيبر. دائرة معارف القرن العشرين: 7/135.

[31] . معجم البلدان: 4/209.

[32] . الخراج لأبي يوسف: 50 ـ 51.

[33] . أي زد من الحديث والكلام. وأيهاً: اسم فعل للاستزادة من حديث أو فعل. المنجد: 23 (مادة أيه).

[34] . أي احمرّ حمرة فيها سواد عند الغضب. لسان العرب: 5/106 (مادة: ربد).

[35] . هيه: كلمة تقال لشيء يطرد. المنجد: 882 (مادة هبة).

[36] . السِيف بالكسر: ساحل البحر، أو كلّ ساحل. مجمع البحرين: 5/74 (مادة: سيف).

[37] . الخزر (خ ل).

[38] . دَوْمَة الجَنْدَل: حصن عادي بين المدينة والشام يقرب من تبوك وهي أقرب إلى الشام، وهي الفصل بين الشام والعراق، وهي أحد حدود فدك. مجمع البحرين: 6/64 (مادة دوم).

[39] . المناقب: 4/346، البحار: 29/200/41، اللمعة البيضاء: 135.

[40] . بحار الأنوار: 29/201.

[41] . اللمعة البيضاء: 135.

[42] . كشف المحجّة: 124.

[43] . أخرجه البزّار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه كما في الدرّ المنثور: 4/177، وأبوبكر الخوارزمي في مقتل الحسين: 1/113/52.

[44] . الدرّ المنثور: 4/177.

[45] . معجم البلدان: 6/345.

[46] . ينابيع المودّة: 1/135/138.

[47] . كشف الغمّة: 1/468، بحار الأنوار: 29/210/44.

[48] . كذا في الأصل، أي التوابع اللازمة، ولعلّها تصحيف التبعة. الكافي: 7/47/1.

[49] . البرقة بضم الباء وسكون الراء: أحد الحيطان السبعة الموقوفة على فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)في المدينة. مجمع البحرين: 5/128 (مادة برق).

[50] . الكافي: 7/47/1، بحار الأنوار: باب أوقافه وصدقاته(صلى الله عليه وآله): 22/297/6.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page